الأحد، 17 يونيو 2018

ما الشِّعْر؟: جاك درّيدا

ترجمة شوقي عبد الأمير
للإجابة عن مثل هذا السؤال -بكلمتين، أليس كذلك؟- يُطلَبُ إليك معرفةُ كيفية التخلي عن المعرفة. إن معرفةَ ذلك وعدم نسيانه، يسرِّح جيوش الثقافة. ولكن ما تضحِّى به أثناء ذلك وأنت تعبرُ الشارع، عليك ألاَّ تنساه أبداً في خضمِّ جهلك العلمي.
من يجرؤ على أن يسألني ذلك؟ وحتى لو لميَبْدُ شيء من ذلك، لأن الاختفاء هو قانونُهُ فإن الإجابة منصوص عليها. أنا إملاءٌ -يقول الشِّعْر- احفظني عن ظهر قلب، انسخْ واسْهَرْ وحافظْ عليَّ، انظر إليَّ إملاءً تحت النظر: شريط صوتيٌّ –استَيْقِظْ- أثر نور، صورةُ عيد في حِداد.
ومن المنصوص عليه أن يكون الجوابُ شعريّاً. ولذا فهو مدعوٌّ لمخاطبة شخصٍ ما،وخاصةً أنت ككائنٍ ضائعٍ في الغفلةِ أو الخَفاء، بين المدينة والطبيعة، سرٍّ مُقْتَسَم، هو في آن معاً عامٌ وخاصٌ، قَطْعاً هذا وذاك، مُبَرّأٌ من الخارج والداخل، لا هذا ولا ذاك، الحيوان المُلْقى على الطريق، مُطْلق، مُتَوَحِّد، ملفوف على شكل كرة قرب الذات. ويمكن له أن يتعرَّضَ للسحق أو الدهس، بالضبط لهذا السبب، أي لأنه أشبه بالقنفذ.
و إذا ما أجبتَ بشكل مختلف -حسب الحالة- آخذاً بعين الاعتبار المكانَ والزمان الممنوحَين لك مع هذا الطلب «طبعاً أنت تتكلم الإيطالية»، وبواسطته بالذات، ووفْقَ هذا الحساب ولكن أيضاً في رحابة رحلة خارج الذات، يُغامر بها المرءُ نحو لغة الآخرَ سعياً وراء ترجمة مستحيلة أو مرفوضة بالضرورة ولكن مرغوبة ومشتهاة مثل موت؛ تُرى ما علاقة هذا كله، هذا الذي انتهيتَ سلفاً من الهذيان به، ما علاقَتُهُ، مذ ذاك -بالشِّعْر؟ وما علاقته بالشِّعريِّ بالأحرى، لأنك تزمع الحديثَ عن “تجربة”، كلمة أخرى مرادفة لكلمة رحلة، وهي هنا نزهة راجلة محتَملة لمسيرة ما، المقطع الشعريُّ الذي يدور ولكنه لا يفضي أبداً إلى الخطاب، ولا إلى الذات، ولا يقتصر أبداً على الشِّعر المكتوب والمنطوق وحتى المُغَنَّى.
تتمة المقال على الرابط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق