الأحد، 8 أبريل 2018

عبد الله العروي: الكتاب العرب... يكادون لا يمسون الفلسفة أبداً إلا في حلبة الجدل

"تنشأ الفلسفة وتتطور وتنبعث في الجدل، فهي لا تستطيع بإعادة النظر في مسائل قديمة بنفس العبارات، أن تنقذ نفسها من المفارقة التاريخيَّة التي تتربص بها دائماً. ولا تتجدد إلا باتخاذها على عاتقها ما تطرحه الممارسة الاجتماعيَّة اليوميَّة من مسائِل تظهر بادئ ذي بدء في شكل نقدٍ – جدلي. فقد مضى علينا وقت طويل حتى أدركنا أن لينين قد أثار مشاكل خطيرة، أخلاقيَّة وعلوميَّة في كتاباته القصيرة التي كان يكتبها في المناسبات ضد رفاق حزبه الاشتراكي – الديمقراطي الروسي طيلة السنوات الممتدة من 1900 إلى 1910، كذلك لم نتوقف عن نقد خصب المجادلات التي مزقت الماركسيَّة الغربيَّة في برلين، فيينا أو بودابست في عصر الثورة الألمانيَّة (1920 – 1924).
(...) أفليس الانفلات من التاريخ، من الديالكتيك، من الحدث، في الواقع، منذ أفلاطون هو وسواس الفلسفة الدائم. والحال أنه أقيم الدليل كذلك، منذ زمن طويل وفي المجالات الثقافيَّة المختلفة أن تجديد الفلسفة نادراً ما يأتي، مع ذلك إلا من تأمل في الفلسفة المعاصرة. لو أننا بحثنا اليوم عن المكان الذي يحتمي فيه التأمل الفلسفي في البلدان لما عثرنا عليه بالتأكيد في الأماكن الهادئة التي يتردد عليها أساتذة الفلسفة. (...) إن الكتاب العرب المعاصرين، المتكلمين الجدد يكادون لا يمسون الفلسفة أبداً إلا في حلبة الجدل".
عبد الله العروي: "أزمة المثقفين العرب: تقليدية..أم تاريخانية؟ بيروت – لبنان، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الأولى 1978، ص 85 – 86.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق