الخميس، 14 مارس 2019

الفلسفة كوصفة طبية


بقلم يوسف اسحيردة
صدر مؤخرا للمفكر المغربي، سعيد ناشيد، عن دار التنوير، كتاب جديد اختار له كعنوان معبر “التداوي بالفلسفة”. ودعنا من تلك التأويلات الكسولة التي جعلت من هذا العنوان منفذا إلى إضفاء صبغة سحرية-دينية على الكتاب، عن طريق التقريب بين “التداوي بالفلسفة” وما يعرف ب “التداوي بالاعشاب”، وإن كان الكاتب قد تعمد هذه التسمية، في إشارة إلى الدور العلاجي وحتى الخلاصي الذي قد تلعبه الفلسفة، في زمن انهيار كل السرديات الكبرى، الدينية منها والأرضية : مملكة الرب، انتصار البلوريتاريا…ولا ننسى أن كبار الفلاسفة الملاحدة في تاريخ الفلسفة، كانوا قد تعمدوا هذا التقريب، دون أن يُنظر إلى أعمالهم على أنها تبشير، أو دعوة إلى دين ما. ونيتشه الذي كتب أعظم كتاب نسف فيه العقلية الدينية، جعل له كشخصية رئيسية رسولا يوزع الحكم كما يفعل الأنبياء عادة، لكنها حكم تدعو إلى تقديس الأرض لا السماء.
اقرأ أيضا للكاتب:

ترجمة: التفلسف مع الأطفال

ترجمة: تغيير العالم أم فهمه؟

يوسف اسحيردة: العيش الحكيم

الفلسفة كنمط للعيش عند سقراط، ترجمة يوسف اسحيردة

كليمون روسي: اعرف نفسك بنفسك، ترجمة يوسف اسحيردة

العيش كفيلسوف بقلم كاثرين هلبيرن



وبالعودة إلى مضمون الكتاب، الذي يهمنا بالدرجة الأولى، نلاحظ نغمته الرواقية الأصيلة التي تنبني على أمرين أساسين : الأمر الأول هو التسليم بأن الحياة هي عبارة عن مجموعة من المواقف، منها ما نستطيع التحكم فيه وبالتالي تغييره، ومنها ما يخرج عن نطاق سيطرتنا ولا نملك أمامه سوى القبول، أما الأمر الثاني فيتعلق بالقيام بمجموعة من التمرينات الروحية التي تمنح للفلسفة بعدها العملي الذي سعت إليه منذ القدم، منها التركيز على الحاضر والرؤية من أعلى. وهذا ما تشهد به مختلف المقولات التي تخترق هذا العمل من أوله إلى آخره، ومنها : ” الأهم من الأشياء طريقة تفكيرنا في الأشياء”، “الحكيم من يحكم نفسه”، “أن نعيش الحياة معناه أن نعيش تأويلنا للحياة”…

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق