الأحد، 29 يناير 2017

مصالح النقابات ومستقبل الشباب


للنقابات مصالح كما لاعضائها مصالح: في عز عشرين فبراير قبلت النقابات الوزيعة 600 درهم كزيادة في الاجور مقابل عدم انخراطها في الحراك. ولكن في ملف التقاعد لا وجود لصفقة لان الحوار الاجتماعي لا تعترف به حكومة اللحايا. وظلت النقابات تطالب به لمدة غير يسيرة دون جدوى. وخاضت معارك في سبيل ذلك دون أن تكسب الحوار.

تدرك النقابات جيدا ان عمل التنسيقيات الذي بدأ مع الشعور بجمود المركزيات وعقم آلياتها التقريرية واعرافها التنظيمية التقليدية، ان الركب سيفوتها يوما. لذلك  فوضعها اليوم هو الحفاظ ما امكن على الوجود لا غير، ففي الوقت الذي تتسارع فيه الاحداث والمخططات لضرب انظمة التشغيل الكلاسيكية التي تدمج الاجراء بشكل فوري الى انظمة العقد المحدودة الزمن، لم يعد للاجير استقرار يذكر في الوظائف، بل صار اجيرا ترحاليا يبحث عن الافضل ولكنه في الحقيقة لا يجد الافضل بل يتوهم فقط كذلك. نظام التشغيل الحالي المبني في القطاع الخاص اساسا على العقد محدودة الزمن والتي لا تقبل التجديد أو تتجدد دون الالتزام بالترسيم سيكون قوة مدمرة للمجتمع ولمنظماته على حد سواء (وفي المستقبل القريب سيشمل القطاع العام لأن السياسة المملاة واحدة).
أرى أن النقابات رغم ذلك هي منظمات للنضال الطبقي ويجب تقويتها بحكم امكاناتها وتاريخها وتجارب نضالها، ولست متفقا مع من يضربها لا من الخارج ولا من الداخل. ففي حالة النقابة التي انتمي اليها توجد قوى اصولية من الداخل تشحد العمال ايديولوجيا (ايديولوجيا الطاعة والصبر والاحسان والخضوع...) وتلحقها بجماعاتها لاغراض سياسوية. وهي نفسها القوى التي تعمد أسلوب النضال خارج المنظمات وتدعم التنسيقيات بشكل من الاشكال. وفي الان ذاته فان بيروقراطية النقابات لا يمكن ان تجابهها تنسيقيات من الخارج وانما قوة متماسكة وموحدة ومكافحة داخل النقابات ذاتها. لكن ما هي مصالح النقابات في ملف التقاعد؟ الدعوة الى اعتصام أمام البرلمان ضد التصويت على المشروع هو أداة من الادوات ولكن من الوهم الاعتقاد انه وحده كاف لتحقيق المطلب. لذلك فإن التحاق النقابات بالاضراب / الاعتصام أمر هام للغاية وضروري وعليها ان تفعل ذلك (بحكم المنطق ولكن واقع الحال انها تتصرف بحكم المصلحة السياسوية وتترك المنطق في تجريديته للحالمين به)، أما أن تخوض كل نقابة معركة لوحدها بمعزل عن الساخطين (او أحيانا اعضائها الغاضبين من صمتها او تخاذلها او صمتها) فلن يخدم الا سياسة الامتناع او الانسحاب. ولهذا فإن أي نقابة تدعي الكفاحية والتقدمية والديمقراطية كما نجد في قوانينها ومبادئها عليها أن تفكر في ايجاد سبل لتوحيد المعركة لان المطلب واحد لا غبار عليه (سحب المشروع)، وفي الآن ذاته من حق كل نقابة أن تخوض معركتها الخاص للحفاظ على حيويتها وديناميتها ولتحريك قواعدها وتجديد انخراط اعضائها واستقطاب اعضاء جدد، ولكن هذا لا يمنع من الاتفاق أن معركة التقاعد كما هو حال معارك أخرى (العمل بالعقدة في القطاع العام، ضرب المجانية في الصحة والتعليم، معضلة الديون، تعديل القانون الجنائي...) هي معركة مصيرية وحاسمة في تاريخ المغرب. مصيرية لأن الايمان بقوة التحرك الفوري عند الغالبية العظمى من الأجراء لا يرتهن بقرارات النقابات، وحاسمة لأن أغلب الحكومات في المغرب تتخذ قرارات حاسمة ومصيرية قبل 3 او 4 أشهر من انتهاء ولايتها لتأتي حكومة أخرى ويطمس الماضي. لتبدأ صفحة جديدة بقناع جديد سيكرر نفس المسرحية.
ما موقع الشباب من كل هذا؟ بحكم المنطق الطبيعي للتطور يمثل الشباب أساس المستقبل، وأكيد أن ما يجري اليوم يمسهم بشكل مباشر كفئة اجتماعية قوية ووازنة. لذا فإبعادهم من المعركة خسارة كبرى للمعركة ولمستقبلهم. لكن من يمثل الشباب؟ لا اتحدث عن المنظمات والجمعيات ومختلف الأجسام التنظيمية التي ينتظم فيها فئة الشباب بل تلك القوة التي خرجت سنة 2011 في معركة سياسية سلمية قوية ولكنها حورت لضعف ملموس في الوعي السياسي للشباب. فهل يستطيع الشباب التحرك من أجل مستقبلهم؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق