الأحد، 29 يناير 2017

الحركات النسائية ونقد النيوليبرالية:


يزداد لدي اليقين أن ثورة الحقوق والمساواة قد أدت فعلاً إلى تحولات عميقة بدأت تظهر بوادرها في مجموع الكوكب الأزرق. ورغم أن هدف الليبراليّة السيّاسيّة والرأسماليّة العالميّة هو إدخال النساء في اطار أسطورة "مقاربة النوع" إلى عالم المال والأعمال بهدف تلطيف الاستغلال وترسيخ الاستعباد الجديد للنساء، فإنها في حقيقة الأمر تحفر قبرها بنفسها، لأن الفردانيّة كمبدأ قد يؤدي بالمجتمعات  المعاصرة إلى نتائج عكسيّة.

يتم تبرير الفردانيّة بدعوى الحريّة الفرديّة التي هي شرط الديمقراطيّة الليبراليّة، لكن يتم تناسي أن الحرية في شموليتها ًّّهي شرط لا مناص منه من أجل التحرر السياسي والمادي، فمنح الاستقلاليّة الماديّة للمرأة هو مفتاح تحررها الشامل. هكذا ترى نادية دو موند Nadia de Mond أن "النساء تستعمل كجيش احتياطي للصناعة (ماركس) في الاقتصاد الرأسمالي – يدمج في فترات التوسع الاقتصادي ولكن يسرح في فترة الانكماش الاقتصادي أو الأزمة... ويتم تبرير هذه الممارسة بفكرة ايديولوجيّة مفادها أن الرجل هو من يلبي أساساً حاجيات الأسرة، وأن المكان الطبيعي للمرأة هو المنزل كربة بيت. وتستخدم النساء مكان قوة العمل الذكوريّة لأضعاف الطبقة العاملة وتقسيمها. كما تستعمل النساء بطبيعة الحال في أقسام "ضعيفة"، "هامشيّة" من الطبقة العاملة كما هو حال المهاجرين والمهاجرات"، لذلك تذهب نانسي فريزر في كتابها: "حظوظ النسويَّة" Fortunes of Feminism إلى ضرورة قطع الصلة مع النيوليبراليَّة لبناء مجتمع متضامن، حيث تقول "تتيح الأزمة الحالية الفرصة لتولي زمام الأمور وربط حلم تحرير المرأة برؤية لمجتمع متضامن. ولكي تتحقق هذه الغايات، تحتاج النسوية لقطع علاقتها بالليبرالية الجديدة، واعتماد “الثلاث مساهمات” لخدمة أغراضها الخاصة.
أولا، يجب علينا أن نقطع الصلة الزائفة بين نقد مستوى دخل الأسرة والرأسمالية المرنة، والعمل لخلق شكل من الحياة لا يركز على أسعار/أجور العمل وتعزيز الأنشطة غير المأجورة، بما في ذلك، وليس هذا فقط، أعمال الرعاية
ثانيًا، علينا أن نغير مسارنا من السجال حول اقتصاد السوق إلى الهوية السياسية، بحيث يتم دمج النضال لتقديم شكل يناهض القيم الذكورية ويسعى لتحقيق العدالة الاقتصادية أيضًا. 
أخيرًا، علينا قطع الصلة بين سجالنا حول البيروقراطية وأصولية السوق الحر من خلال استدعاء عباءة الديمقراطية التشاركية كوسيلة لتعزيز السلطات العامة اللازمة لتحجيم رأس المال من أجل عدالة اجتماعية".
هكذا "ظهرت موجات النسوية كنقد للرأسمالية في شكلها الأول، إلا أنها أصبحت خادمة للرأسمالية في ثوبها الجديد الذي ظهر بعد الحرب".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق