الأحد، 24 ديسمبر 2017

شكلان من الفينومينولوجيا أو الفينومينولوجيا بين هوسرل وهايدغر

  خديجة عنيبة – باحثة في الفلسفة المعاصرة – المغرب
أراد هايدغر من خلال كتاباته الأولى التي لم يُكتب لها أن تنشر إلا بعد فترة طويلة من صدور مؤلف “الكون والزمان”[1] أن يبين أن المنهج الفينومينولوجي الذي جاء به أستاذه هوسرل ووظفه العديد من الفينومينولوجيين بعده، لم يصل بعد إلى تقديم طريقة جديدة في البحث الفلسفي، تجعل منه بحثا مستقلا بذاته قادرا على مواكبة الإشكالات التي يطرحها عصر ما، فإذا كانت الفلسفة بنت عصرها عليها قبل كل شيء أن تبقى متعلقة بقضايا عصر الدازين ومنشغلة بها، لهذا السبب كان لزاما على هايدغر أن يبلور تصورا خاصا به لمهمة البحث الفينومينولوجي في كتاباته اللاحقة، لتغدو الفينومينولوجيا قادرة على القيام بالمهام المنتظرة منها. لكن التصور الخاص الذي كان لهايدغر عن الفينومينولوجيا لا ينفي بالطبع تبنيه للمنهج الفينومينولوجي لدى هوسرل، فقد صرح هايدغر في العديد من كتاباته أن فهم أستاذه للفينومينولوجيا ومهمتها لم يكن جذريا بما فيه الكفاية، معنى ذلك أنه لم يبلغ بمنهجه الفينومينولوجي النفاذ إلى جذر الأشياء ذاتها، لكونه ظل متمسكا بتلك الفكرة القائلة بأن الوعي المحض هو الذي يبني العالم، ولهذا فهو ليس قائما في العالم، كما أنه ليس في حاجة إلى شيء آخر ولا يتوقف وجوده على كائن آخر، بهذا الشكل بقيت الفينومينولوجيا تتبع أسلوب المتفرج المحايد أمام الأشياء التي نقابلها في العالم، فالوعي المحض عند هوسرل يشكل التيمة الأساسية للفينومينولوجيا، لكن بعد ذلك ستعرف الفينومينولوجيا مع هايدغر تحولا كبيرا لا من حيث تيمتها الأساس ولا من حيث طريقة توظيفها كمنهج في البحث.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق