الاثنين، 17 سبتمبر 2018

نشرة كوة عدد شتنبر 2018

مفتتح:
ماذا تبقى من النظرية النقدية؟ سؤال قديم / جديد يعبر عن الحاجة إلى نقد فلسفي صريح: نقد جذري غير مهادن.
ففي زمن توالي الأزمات بل واستدامتها على مختلف الأصعدة، تنبثق الحاجة إلى فكر فلسفي نقدي يضع الأصبع على الجرح ويشخص بالدقة الكافية واللازمة وضع الإنسانية في عالم السيطرة الشمولية للرأسمالية المتوحشة وتغولها شبه المطلق، وازدرائها للحياة المعاصرة.
قليل من أهل الفكر من يمكن تصنيفه ضمن خانة منظري ومؤيدي التحكم الكلياني للرأسمالية المعاصرة؛ وفي الآن ذاته؛ قليل هم أولئك الذين يصرخون في وجه التعميم الجماهيري لثقافة الاستهلاك وسيطرة أدوات التكنولوجيا الجديدة على العقول وما تضفيه من تبخيس لقيم الإنسانية العليا: التواصل المباشر، اللقاء، التعبير الجسدي، التبادل العيني… لقد عوضت وسائل التواصل الالكترونية وسائل التواصل المباشر بين الأفراد، وصار الجميع متقوقعا على نفسه وما يوازيه من وهم التفوق، وادعاء امتلاك الحقيقة الفردية. لا يمكن التبخيس من أهمية الأدوات الجديدة، كما لا يمكن اعتبارها الوسيلة الوحيدة، بل إن الأفراد بحاجة إلى اجتماعية ملموسة في الزمان والمكان.
لا ندعي في هذا العدد الجديد من نشراتنا أننا قادرون على فحص كل مظاهر الأزمة المعاصرة التي عممتها الرأسمالية الجديدة، بالنظر لكونها تشمل مختلف مجالات المعرفة والفكر، ومختلف مظاهر الحياة الاجتماعية والفردية، وامتدت إلى كل أنواع السلطة، ولكننا نأمل أن نضع إشارات أولية لإثارة المشكلات الحقيقية التي تجسد حدة وديمومة الأزمة من خلال عينة منتقاة بدقة من المقالات النقدية التي مهدت لنقاش فلسفي عميق ووضعت تشخيصات واقترحت أفكارا جديدة في مجال النقد الفلسفي لتطويره.
تخترق النظرية النقدية المعاصرة خصوصا مع الجيل الثالث والرابع من أجيال مدرسة فرانكفورت تيارات متنوعة تستمد أسسها النظرية من مجالات معرفية متنوعة، ولكنها رغم ذلك ظلت وفية للأصول النظرية التي كانت منطلق هذه المدرسة، ولعل التيار الساخن le courant chaud خير مثال لنقد جذري معاصر يدعو إلى عدم المهادنة أو تلطيف الخطاب مع الاحتقارات الجديدة والاستبعاد الاجتماعي الجديد لقسم واسع من الفئات الاجتماعية والطبقات الشعبية والفقيرة والمقصية من دائرة الإنتاج ومن مجال تدبير الشأن السياسي العمومي.
تجدون في مواد هذا العدد بعض المقالات التي تمثل بحق شهادة صمود جيل كامل من مفكر الفلسفة النقدية المعاصرة في وجه الأزمات المتتالية للرأسمالية.
نتمنى أن يساهم هذا العدد في إغناء النقاش حول النقد الفلسفي المعاصر وأن يستجيب لتطلعات متتبعي الموقع وكتابه ومؤيدي مشروعه العام.
هيئة تحرير موقع كوة. شتنبر 2018.
أو على الرابط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق