"الثالوث
غير المقدس: صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ومنظمة التجارة العالمية"، كتاب
من تأليف ريتشارد بيت وتلة من طلبة الجامعة بأمريكا1، صدر في عنوانه الأصلي Unholy Trinity : the IMF, World Bank and WTO ترجمه إلى
اللغة العربية شوكت يوسف وصدر عن منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب في طبعته العربية
الأولى سنة 2007 بدمشق.
يعالج
الكتاب برؤية نقدية المؤسسات المالية والتجارية العالمية وأساسا: البنك العالمي وصندوق
النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية. الكتاب دو قيمة علمية وايديولوجية وسياسية،
حيث يتضمن تحليلا دقيقا لأنظمة الحكم العالمية، مطالبا بتفكيك وتدمير لهذه الأنظمة
باعتبارها سبب كل الكوارث المحدقة بالإنسانية في ظل العولمة النيوليبرالية حيث أصبحنا
"أمام ما يشبه مؤسسة عالمية واحدة تحكم الاقتصاد العالمي ذات أفرع ثلاثة تختص
بتوفير الاستقرار (صندوق النقد الدولي)، وبالتقويم الهيكلي (البنك العالمي)، وبتحرير
التجارة (منظمة التجارة العالمية). تعتبر هذه الأخيرة الذراع التوسعي لهذا المركب أو
المجمع المؤسسي، منظمة لا ديمقراطية تستحوذ بشكل حثيث على صلاحيات وسلطات جديدة هائلة...".
يعلن
المؤلفون موقفهم من العولمة الجارية باعتبارهم ناقدين لها وللطريقة التي تكون بموجبها
الاقتصاد العالمي القائم حيث يقولون: "في هذا الكتاب نقف إلى جانب أولئك الناقدين
للطريقة التي تكون بموجبها الاقتصاد العالمي القائم، ونعترض على الطريقة التي ينظم
ويدار بها حاليا. إننا ننتقد، بوجه خاص، السياسات التي مارستها المؤسسات الحاكمة وطبيعة
الاقتصادات الناتجة عن ذلك وآثارها على الشعوب والثقافات والبيئات...". ويؤكدون
"أن كثيرا من الحركات الاجتماعية التي تبرز كمقاومة للعولمة، إنما تقاوم في الحقيقة
نوعا من العولمة أفرزته أفكار وسياسات ومؤسسات نيوليبرالية"، هكذا تقف الحركات
الاجتماعية ـ في وجه السياسات النيوليبرالية ـ كحركات مقاومة للعولمة تتوخى بناء بدائل
عن النيوليبرالية.
يتوزع
الكتاب بين ستة فصول يعالج المؤلفون في الأول المعنون ب: "العولمة والنيوليبرالية"
نقطتين جديرتين بالاهتمام، ويتعلق الأمر بالليبرالية الجديدة وبالخطاب المهيمن، باحثين
عن الجذور التاريخية لنشأة الفكر النيوليبرالي. حيث يحدد التطور من الليبرالية إلى
النيوليبرالية ومعالج الانتقال من الليبرالية إلى الكينزية وأخيرا إلى النيوليبرالية
فقد "وضعت الاعتقادات والاراء الاقتصادية المركزية للرأسمالية الغربية، بشكل منهجي
أولا، من قبل فلاسفة واقتصاديين سياسيين أمثال توماس هوبز، جون لوك، ديفيد هيوم وآدم
سميث الذين كتبوا تعاليمهم أساسا في بريطانيا في القرنين 17 و 18. فكر هؤلاء الفلاسفة
المؤسسون جيدا لصالح طبقة جديدة من المقاولين وأرباب العمل ورجال الأعمال الصناعيين
الذين غدوا بعدئذ في الواجهة".
الليبرالية
الجديدة:
النيوليبرالية
لا تشكل بديلا عن الفكر الليبرالي بل هي تطوير له على النحو الذي يخدم مصالح كمشة من
الراسماليين على الصعيد العالمي فمن الدور المتعاظم للدول في بناء الاقتصادات القومية
كما هو الحال في الفكر الليبرالي الكلاسيكي الذي يحث على ضبط الدول للاقتصاد للتحكم
في التضخم والأزمات المالية التي تعصف في كل حين بالاقتصاد الرأسمالي، يتم الحديث مع
النيوليبرالية عن دور جديد لاقتصاد السوق يهدف إلى تدمير دور المؤسسات السياسية في
تدبير الشؤون الاقتصادية مع المناداة بالتحكم المطلق في الاقتصاد العالمي كما القومي
من طرف الشركات المتعددة الجنسيات، لذلك فالنيوليبرالية في نظر المؤلفين "تشكل
النيوليبرالية بنية كاملة من الاعتقادات مرتكزة على رؤية يمينية، لكن غير محافظة، وعلى
أفكار الحرية الفردية والديمقراطية السياسية، والأسواق الحرة المنظمة ذاتيا والمقاولة
التجارية"، وقد ساهم في بناء النيوليبرالية ـ حسب الكتاب ـ كل من:
- المدرسة النمساوية
للاقتصاد في فيينا مطلع القرن العشرين.
- المدرسة اللندنية
للاقتصاد (ثلاثينيات القرن 20).
- معهد العلاقات الاقتصادية
ـ لندن.
- مركز الدراسات السياسية
ـ لندن.
- معهد آدم سميث ـ
لندن.
- مدرسة والتربرثان
وفرانز بوهم الاقتصادية في فريبورغ.
- معهد هوفر بجامعة
ستانفورد بكاليفورنيا.
إن
العاصمة الفكرية لليبرالية الجديدة هي بدون شك مدرسة شيكاغو للاقتصاد السياسي. والتي
أسسها فرانك، ه، نايت ناقد معروف لليبرالية القرن العشرين، خاصة "سياسة التوزيع
الجديد" وهو متحمس لمبدأ الفرد الخلاق المبادر والحر. أما الزعيم الروحي لليبرالية
الجديدة فهو فريديريك فون هايك صاحب كتاب "الطريق إلى العبودية"2 (1956)،
تدرب في المدرسة النمساوية للاقتصاد، وأصبح أستاذا في مدرسة لندن للاقتصاد
(1931-1950) ثم شيكاغو (1950 – 1961) وأخيرا في مدرسة فريبورغ (ألمانيا الغربية حتى
وفاته). وهو أيضا مستشار جمعيةmont pèlerin
society التي
تأسست عام 1941 في فندق بسويسرا والتي يلتقي فيها كبار منظري النيوليبرالية"،
وتستند فلسفة فون هايك على افتراضين:
الافتراض
الأول: نمو الحضارة يأتي من حرية أعضائها الافراد في السعي والكفاح من أجل تحقيق أهدافهم
في سياق حماية حقوق الملكية الخاصة. فالمؤسسات الاجتماعية وبالدرجة الأولى السوق.
الافتراض
الثاني: على الحكومات أن تكون ديمقراطية مع حدود ثابتة لمجال تدخلها وسلطاتها الاكراهية.
ويمكن للضرائب الاقتصادية المخططة أن تعالج بعض التعقيدات المحدودة فقط أما التخطيط
الاقتصادي الجماعي فيقود إلى نظام استبدادي شمولي"
وتتحدد
النيوليبرالية في اربعة أفكار حسب مارك بليث وهي:
1
– تحليل نقدي (من النقد – المال) لتضخم مطور من قبل فريدمان
يخلص إلى أن الأسواق توازن ذاتها في المدى الطويل، وأن تدخل الدلوة كان ضارا إن لم
يكن مهلكا.
2
– نظرية التوقعات العقلانية التي ترى بأن الاستخدام العقلاني
الأمثل لأدوات الانتاج يضعف الاستراتيجيات التدخلية التي تمارسها الحكومات، بحيث يجعل
تدخل الدولة مضيعة للوقت وهدرا للمال,... لا بل يشكل خطرا مباشرا... والحكومات سبب
الركود والكساد.
3
– نظرية العرض التي تعتبر إحياء لقانون "سي say" 3 (العرض يخلق الطلب) التي
اقترحها أرثر لافير4 ومفادها أن تفيض الضرائب، ولا سيما على الاغنياء، يعوض نفسه من
خلال زيادة الانتاج وما يتبع ذلك من عائدات ضريبية.
4
– نظرية الاختيار العام والتي بمقتضاها يصبح السياسيون
مماثلين لقوى السوق، إذ يكسبون الاصوات بتقديم بضائع لناخبيهم.
وتتفق
المبادئ الأربعة على أن التضخم الناشئ عن تدخل الدولة في الاقتصاد، يشكل سبب أزمة اجتماعية
شاملة لا يمكن معالجتها بسياسات كينزية، بل بوسائل نيوليبرالية (السوق).
هكذا
يتم تمجيد نظرية السوق التي تضرب بعرض الحائط وتستنكر بشدة تدخل الدولة في الاقتصاد
بدعوى أن تخطيط السوق مجدي لذلك يقول ريغان: "إن ملايين الافراد الذين يصنعون
قراراتهم في ارض السوق يقسمون الموارد دوما افضل من اي عملية تخطيط حكومية مركزية".
إلا الهاجس الأكبر للنيوليبرالية ومؤسسيها لا يتمثل في القضاء على دور الدولة ما دام
الرأسمال العالمي بحاجة إليها في الدفاع عن مصالحه، بل يسعى جاهدا إلى توطيد سيطرته
على الاسواق العالمية بخلق شبكات تبادل تجاري حر ومناطق محررة من اية سيطرة دولاتية
ومعفية من أية جبايات قومية ومحلية تستحوذ على جزء من أرباح الشركات. إنها تسعى إلى
الحرية المطلقة في الاستثمار دون اية قيود سياسية، فاقتصاد السوق سيصبح سيد الموقف
"الآمر والناهي" وما على الدول إلا الاستجابة لمتطلبات الشركات المتعددة
الجنسية، ولعل اتفاق AMI خير
مثال دال.
الهيمنة
والخطاب السياسي:
يتناول
المؤلفون الحديث عن أشكال انتاج الخطاب السياسي الليبرالي كخطاب يسعى إلى الهيمنة محددا
الروابط والعلائق بين الخطاب السياسي السائد وبين المثقفين والعقول المنتجة عبر وساطة
المؤسسات ومختلف الادوات المسخرة لإنتاج الخطاب. لذلك يرى الكتاب أن الهيمنة تتخذ أربعة
أشكال جيوبوليتيكية:
1
– الهيمنة المسيطرة المنتجة في المراكز الثقافية، السياسية
والاقتصادية الرائدة للإنتاج الرمزي.
2
– أشكال هيمنة فرعية تقوم عبر سيرورات انتشار الهيمنة المسيطرة
في أشكال معدلة تبعا للسياقات التي تفرزها الشروط المحلية.
3
– الهيمنة العالمية المتكونة من خلال العلاقات التنسيقية
التوافقية المستقرة نسبيا بين الهيمنة وأشكالها الفرعية.
4
– الهيمنة المضادة المتصدية للهيمنة العالمية ككل وأشكالها
الفرعية.
وإذا
كان الشكل الأخير هيمنة مغايرة ومضادة فما الذي يقصده المؤلفون بالهمينة المضادة؟
إن
الخطاب المهيمن عالميا لا يستطيع لوحده أن يوجد وأن يسيطر على العقول، لأنه ليس أولا
مطلقا ولا يستطيع ثانيا أن يعيش دون نقيضه، فمن رحمه يتولد "النفي" بالمفهوم
الجدلي. لذلك فالخطاب المهيمن عالميا يصطدم بخطاب بديل ومضاد يستمد مفاهيمه ومقولاته
البديلة من "تجارب الشعوب المضطهدة" هكذا يعبر المؤلف / المؤلفون مستعيرا
فهمه للهيمنة المضادة من المنظر الماركسي "رايموند وليامز".
إن
الخطاب المضاد ينبع من قلب الحركة الاجتماعية والاحتجاجية التي يعبر عنها منظرون منخرطون
فيها وفاعلون فيها، لذلك فالخطاب المضاد نابع أساسا من مجمل الحركات المضادة للنيوليبرالية
وذا صلة بالقوى اليسارية التي تعتبر القوة المعبرة عنه ف "خطابات الهيمنة المضادة
تستمد طاقاتها الاجتماعية بشكل أساسي من الرغبات الجمعية للشعوب المضطهدة، من تجارب
الفقراء والمقهورين، من ألم الجوعى، وعويل الاطفال المرضى". ويعتبر المؤلف / المؤلفون
في نهاية الفصل أن خطابه جزء من هذا الخطاب المضاد الذي يرتكز عليه للنظر في المؤسسات
المالية الدولية بعين ناقدة حيث "يستخدم هذا الكتاب أفكار القوة، المصلحة السياسية،
الهيمنة، الخطاب، المسؤولية ... من أجل فحص نقدي لمؤسسات الحكم العالمي: fmi, bm, omc ".
وفي
الفصل الثاني المعنون ب: " بريتون وودز: انبثاق النظام الاقتصادي العالمي"
يبحث في الظروف السياسية والاقتصادية التي جعلت من الممكن عقد مؤتمر بروتن وودز الذي
افضى الى تأسيس كل من البنك العالمي وصندوق النقد الدولي مركزا على نمطين من الظروف:
1
– ظروف الواقع السياسي ـ الاقتصادي السائد والمتميز بانحطاط
بريطانيا كقوة عضمى (نتيجة أزمة "الكساد الكبير") وصعود الولايات المتحدة
الامريكية كقوة عالمية كبرى.
2
– ظروف ذات صلة بالنظرية الاقتصادية حيث ستظهر المؤسسات
المالية العالمية كداعم وخادم للمصالح الامريكية المباشرة إنها بلغة المؤلف "ذراعين
لنظام عالمي جديد متميز بإمبريالية أكثر براعة وفاعلية".
ويخصص
الفصل الثالث المعنون ب: "صندوق النقد الدولي" لتاريخ صندوق النقد الدولي،
الذي انتقل من مهتم بمعدلات التبادل والتوازن لجهة تسديد القروض إلى أداة لفرض سياسات
مجحفة وقهرية على بلدان العالم الثالث، بفضل تشديد شروط الاقراض لهذه البلدان وهو ما
نتج عنه تعميم للمجاعة وسياسة الافقار. مركزا على بنية الصندوق وانتقاله من مجال محدد
في الميثاق الأصلي لتأسيسه إلى مجالات واسعة مع تطوره، ومحللا سياساته في الفترة الفاصلة
بين 1945 و 1971 والأزمات المالية التي أعقبت تلك الفترة في أواسط السبعينيات وأزمة
الدين في الثمانينات، وما رافق ذلك من احتجاجات واسعة ضده حيث يعرض بعض النضالات الجارية
آنذاك خاصة في مارس 1976 حيث أضرب عمال مدينة قرطبة احتجاجا على تجميد الحكومة الأرجنتينية
للأجور لمدة 180 يوما وذلك استجابة لشروط الصندوق لتعويض أكلاف مستوردات النفط عبر
تخفيض نسبة التضخم، ولزيادة الادخار من أجل خفض دين البلاد الخارجي. ثم الانتفاضات
والمظاهرات الشعبية في مصر خلال يناير 1977 والاضراب العام بالدار البيضاء 1981 واحتجاجات
العمال والشباب والمنظمات اليسارية بجمهوية الدومنيكان في ابريل 1984، الاحتجاجات النيجيرية
في ابريل 1988... بهذا لا يكون الكتاب مجرد فحص نظري لسياسة أنظمة "الحكم العالمي"،
بل هو سجل للنضالات الجماهيرية التي افرزتها موضوعيا سياسات المؤسسات المالية والتجارية
الدولية.
وفي
الفصل الرابع: "البنك الدولي" يعرض تاريخ البنك العالمي، فمنذ دوره الثانوي
في إعادة بناء أوروبا المدمرة بفعل الحرب (البنك الدولي إعادة البناء والتنمية) إلى
دوره الرئيسي والمباشر مع صندوق النقد د في السياسات الاقتصادية العالمية أواخر السبعينيات
مرورا بمرحلة الستينيات مع إنشاء "منظمة التنمية العالمية" تحت رعاية نفس
البنك. ويبقى البنك العالمي حسب المؤلف "بنية الحكم العالمي ونقطة ضعفها أيضا"
فهو الذي يجري وراء أكذوبة "محاربة الفقر" لا يتوانى عن إنتاج الفقر، بل
هو المسؤول الأول عن تدهور الأوضاع المعيشية بالبلدان النامية بفضل سياسات التقويم
الهيكلي لذلك يرى المؤلفون على أنه "إذا كان البنك طامحا للقضاء على الفقر فليس
السبيل هو الاشفاق على الفقراء بل إشراكهم فعلا في عملية تخطيط مشاريع التنمية الخاصة
بهم".
أما
الفصل الخامس: "منظمة التجارة العالمية" فيفرده المؤلف / المؤلفون لمنظمة
ت ع وللظروف السياسية والاقتصادية والايديولوجية التي ساهمت في تأسيسها وظهورها معرضا
لتاريخها منذ "الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة" إلى يومنا هذا ومركزا
على سيل من الاستفهامات النقدية مع فحص سياساتها التجارية وتقييم مواقف العمال إزاءها
لبيان أساسها الطبقي وانحيازها للرأسمال مع الوقوف على:
- تحليل دقيق لاتفاقاتها
الخاصة بحقوق الملكية الفكرية كنوع من التلاعب بالافكار من طرف الشركات متعددة الجنسيات.
- القمع الذي تعرض
له معارضوا المنظمة ومقاوموا سياساتها في سياتل 1999.
- تقييم نقدي إجمالي
لمنظمة التجارة العالمية.
وفي
نهاية الفصل يصرح المؤلفون: "نرى أن منظمة التجارة العالمية تعمل لصالح الشركات
المتعددة الجنسية عبر خلق فضاء اقتصادي عالمي متحرر من القيود الحكومية ... تتخذ قراراتها
بطرق لا ديمقراطية في غرف مغلقة مستندة على خبرات جاهزة محددة النتائج مسبقا ... ستبقى
نوعا جديدا وخطيرا من حكومة عالمية ... يجب ألا تستمر".
وفي
الفصل السادس والأخير: "حلف واشنطن – وول ستريت"، عرض نقدي لاتفاق واشنطن
كوصف للسياسات والقوى الكامنة خلف اتجاهات الحكم العالمي، فحلف واشنطن ـ وول ستريت
هو منسق النشاط الاقتصادي العالمي، و"النظام الاقتصادي العالمي الناشيء عن الحكم
العالمي ابتكرته بصيرة المصرفيين، وأن فقر البصيرة ينتج رأسمالية متوحشة تتحرك متجاوزة
رقابة كبريات المؤسسات العالمية". ولا يكتفي المؤلف / المؤلفون بنقد الحلف بل
يطرح بعض المبادئ البديلة التي من شأنها قيادة الحركة الصاعدة من أجل عدالة اجتماعية.
والمنظمة "أضحت وكرا يشرف عليه مدراء وسكرتيريون لنشر القيم النخبوية اليمينية
في زي شعبوي استهلاكي".
ويركز
في هذا الفصل على مسألة "حلف الهيمنة المضادة"، حيث يعبر المؤلفون أن هذا
الحلف يبدأ مع تحرك الجماهير المقموعة والمظلومة بفعل سياسات الهيمنة في شكل تمرد للعمال
... عصيانات الفلاحين... انتفاضات السكان... هذه التحركات المضادة تتمثل في :
- الحركات الاجتماعية
- المنظمات
- تحركات الطلبة وانصار
البيئة
- نضالات عمال المدن
هذه
التحركات المضادة وقفت أمام مؤسسات الحكم العالمي في مناسبات نضالية عدة منها:
- احتجاجات واشنطن
(سبتمبر 1999)
- سياتل - دجنبر
1999
- واشنطن أبريل
2000
- براغ سبتمبر
2000
- اوتوا نوفمبر
2001
- واشنطن سبتمبر
2002
كما
عرض الكتاب اهم المنظمات المهتمة بنقد العولمة من قبيل:
- خمسون عاما كفاية
- يوبيله الجنوب
- شبكة العالم الثالث
مع
التركيز على مطالب "خمسون عاما كفاية" والمتمثلة في:
1
– إصلاح مؤسسي من أجل الانفتاح وتحمل المسؤولية التامة
أمام الرأي العام ومن اجل مشاركة الناس المتضررين في اتخاذ القرار على صعيد صندوق النقد
الدولي والبنك العالمي.
2
– تحول في طبيعة برامج وسياسات الاصلاح الاقتصادي لدعم
تنمية منصفة مستدامة وتشاركية من شأنها معالجة جذور الفقر ومسبباته. وهذا يقتضي صرف
النظر نهائيا عن برامج التقويم الهيكلي التي يضعها وينصح بها كل من الصندوق والبنك.
3
– الإقلاع عن كل ضروب الاقراض المضر بالبيئة، ومن أجل اعتماد
أكبر على الذات، كما من أجل تنمية تحافظ على مصادر الثروة والتنوع الحيوي.
4
– الاستعاضة عن تمويل وصفقات ودور الصندوق والبنك وتوظيف
الموارد المالية في عديد من خيارات المساعدة التنموية. ويشمل ذلك تأسيس IDA مستقلة
عملانيا وماليا عن البنك العالمي.
5
– تقليص الدين المتعدد الأشكال لتوفير رأسمال إضافي من
أجل تنمية مستدامة، يشمل ذلك شطب فوري لديون
IBRD و IFM وذلك
100 % على البلدان متوسطة الدخل.
أكيد
جدا أن المنظمات المناهضة للسياسات النيوليبرالية العالمية لا تقتصر على الثلاث المذكورة
في الكتاب، بل هي في تزايد مضطرد، ان على المستويات المحلية أو الجهوية أو العالمية
ولعل كتاب سمير أمين وفرانسواز أوتارا
"مناهضة العولمة" خير دليل لمعرفة ورصد حركة المنظمات الشعبية في العالم
المناهضة للعولمة.
ويذهب
الكتاب إلى أن التغيير الحاسم ممكن "نشهد في الوقت الحاضر عملية متقدمة لزعزعة
ونسف أفكار ومزاعم حلف واشنطن وول ستريت، ولإن ترافق زعزعة هذا الحلف مع مظاهرات الهيمنة
المضادة يجعل حكام هذا العالم قلقين وعلى هذا الأساس تبدو إمكانية التغيير الحاسم ممكنة"،
وينبغي دعم وتعزيز المنظمات الغير الحكومية الرافضة للحكم العالمي "نرى أن المنظمات
غير الحكومية التي تراقب وتنتقد باستمرار الحكم العالمي يجب دعمها وتعزيزها، وأن على
آلاف المتظاهرين المتسلحين بالمعارف والمعلومات المفصلة والمستعدين لمناقشة البدائل
والخيارات السياسية أن يستمروا في المشاركة في كل اجتماع مكرس لمناقشة مستقبل عالمنا".
الكتاب
جدير بالقراءة، لأنه يملء فراغا في الخزانة العربية ويقودنا إلى تساؤلات جوهرية حول
سبل مناهضة العولمة النيوليبرالية، ودورنا في الدينامية العالمية الجارية ضد السياسات
المالية العالمية، ومختلف المحطات التي تلم فيه الإمبريالية العالمية شتاتها، وتكثف
فيها جهودها ضد أية مقاومة ممكنة لتصورها للعالم. فالمقاومة الاجتماعية للعولمة النيوليبرالية
تنمو يوما عن يوم في كل وهو ما يدعونا إلى التساؤل عن أي بديل ننشده؟
أي
بديل ننشده؟
إننا
نرى أن الإجابة عن السؤال رهين بالنقاش وسط الحركة العالمية حول البدائل التي تطرح
باستمرار في المنتديات الاجتماعية العالمية والجهوية والمحلية وكذا الموضوعاتية ووسط
المنظمات والهيئات والحركات الاجتماعية العالمية من أجل عولمة بديلة. وهو النقاش الذي
لم يتبلور بعد بالقدر الكافي في بلدنا فلنعد طرح السؤال: أي بديل ننشده؟ وأي عالم ممكن
نسعى إليه؟ وبأي عولمة بديلة نطالب؟
هوامش:
1
– ساهم في هذا الكتاب إلى جانب المؤلف: richard peet كل
من:
Beate
born, mia davis, kendra fehrer, matthew feinstein, steve feldman, sahar rahman
khan, mazen labban, kristin maardle, ciro marcano, lisa meierotto, Daniel
niles, Thomas ponniah, marion c. Schmidt, guido schwars, Josephine shagwert,
Michael p. staton and Samuel Stratton
وفي
نهاية الكتاب تجدون عرضا مفصلا لاسهاماتهم في الكتاب والشعب التي يتابعون فيها دراساتهم
في الجامعة. الأساس أنهم طلبة ينحدرون من شعب دراسية مختلفة ومن مناطق متعددة لغويا
وثقافيا تقع خارج المجتمع الامريكي.
2
– تجدون نسخة موجزة للكتاب نشرتها مجلة ريدرز دايجست في
نيسان 1945 في الموقع الالكتروني "مصباح الحرية" على العنوان: http://www.misbahalhurriyya.org.
3
- قانون
من وضع الفرنسي جون باتيست ساي Jean-Baptiste Say 1767-1832. ولد
بليون Lyon يوم
5 يناير 1767 أحد الاقتصاديين الكلاسيكيين الفرنسيين البارزين وعمل ايضا كصحفي وكصناعي
فرنسي. للمزيد الاطلاع على:
http://fr.wikipedia.org/wiki/Jean-Baptiste_Say
4
- اقتصادي امريكي من دعاة النيوليبرالية واحد اعداء الكينزية
ولد سنة 1940 Arthur Laffer (né en 1940). ةconomiste
américain
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق